" أمسية قاسم حداد "

[align=right]قاسم حدّاد : الذئب ليس كائن وحشي بقدر ما هو كائن حزين . أقيمت أمسية شعرية للشاعر الكبير / قاسم حدّاد ، بديوانية الملتقى الثقافي الكائنة بمنزل الكاتب الأستاذ / نجيب الخنيزي .. بالقطيف . قدَّم للأمسية الأستاذ الشاعر أحمد الملاّ ، فقدّم اليسير من سيرة الشاعر و شيءٌ ممّا قبل فيه.. كان قاسم قد ابتدأ الحديث بذكرياتٍ يبدو أنها لن تُنْسَى مِنْ خَارِطةِ الذهن ، فقد مَسَح على ذكرياته بشيءٍ من الدموع الخافتة التي أشعلت الرهبة و الحماسة في الحضور في آنٍ معًا ، قاسم أيْضًا توقّف باكياً عند ذكر إحداهن " أم فيصل " و التي ربّته مع أبناءها و كأنهُ أحدهم ، تحدَّث قاسم بعد ذلك عن الذهب و " العواء " الذي أخطأ الناس في إطلاق هذا الإسم على صوته.. بينما من المفترض أن يُسَمَّى "صهيل" ، خُصُوصًا و أن الذئب كائن غير وحشي بقدر ما هو كائنٌ حزين.. يكُنُّ في وحدتهِ الكثير و يُعَبِّر عن وحدتهُ بـ"الصهيل" . أعاد قاسم ذاكرتهُ إلى تربةِ القطيف و مساءاتها ، خصوصًا و أنَّهُ أمضى فيها سنين صباه و أنَّهُ خرج إلى معترك الحياة و مواجهتها من هناك .. فقد كان يتذَكَّر القلعة التي كان يأخذه صديقه الأكثر من أخ - حسب تعبيره- إلى هناك مساءاً ، حَيثُ كان البعوضُ يُنتِّفَهُ و صديقهُ يُجبرهُ على البقاء وحيداً . تشكَّى قاسم الدنيا ، فذكر أسماء عديدة ، منهم من ترك الدنيا ، و منهم من اختطفتهُ السياسة عن اتجاه الشعر و اللُّغة . ألقى قاسم من ديوانه الأخير " لستُ ضيفًا على أحد " قصائد عِدَّة .. ( الأب ) و ( المحرّق ) و ( ليلها ) و ( النافر ) و ( حكمة الشجرة ) و ( ما لأحدٍ مثلنا ) و( فكرة العمل ) ، و خرج من ديوانهِ هذا إلى الدواوين السَّابِقَة ، مثل ديوان " قبر قاسم " الصادر عام 1997 ، و تناول منهُ قصيدة ( خديجة زعفران لمنديلها ) و ( قيل لهُ يا محمد ) و من ديوان " علاج المسافة " الصادر عام 2000 ، تناول منهُ ( حكمة النساء ) و ( رقصة الذئب ) .. و نثرَ علينا قليلاً من ( أيقظتني الساحرة ) . -- قيل لهُ ، يا محمد -- ... وكان في الحلم نصف في الماء ونصف يجدل الحبل، وبينهما مشيمة الهواء . يكتبان في الخشب ما يمحوه الملح والحسك ، يتأبط الريح ويهدهد القلوع لئلا تغفل عن الأفق. قيل له ، وكان في راحة التعب بين السفر و الإقامة ، يسمع القواقع وتصغي له طبيعة الغياب وقلبه في البيت - يا محمد ..هذا طفلك الشقي .. إغفر له ما تقدم من ذنبٍ وما تأخر . طفلك الذي ينام حين يذهب الناس إلى العمل، مشحوذ القلب بحزنٍ كثيفٍ ، وينتحب . طفلك الذي لك والذي عليك ، يدس غوايته بين الوردة وجنة الناس ، بين الكلمة و المعنى ، يفتح الأفق لهاوية التفاسير ، و يجتهد و يهتم.. قيل له ، و كان في الحديد . قميص قديم يتفلت من القلوع ، يكشف أكثر مما يستر . تصيبه ندامة الغائب وبكاء العائد بينه وبين الماء رفقة المنطفئ ، بينه وبين النار لهفة المشتعل ، يأتزر بنصف الأرض وصدره في الريح والشظايا حديدته قيد الكاحل و قلادة الكاهل. خديجته في مغزل الوقت ، لا تفقده ولا تناله . يا محمد .. إنه طفلك ، تراه مثلما تلمس الحديد ممتثلاً لشهوة اللهب يا محمد ، فارأف به و لا تقل لـه أف و لا تنهر خطاه . طفلك الذي بذل لك جناح الذل وحمل كيس عظامك وأعلنك في القبائل مثل بيرقٍ . طاف بجسدك يغسلـه من نفط الحقول ، ويشحذه بالتمر واللبن . قيل له ، وكان في طفولته الأخيرة ، مهداً تهدهده يد الله ، تحنو عليه النوارس وتتلو عليه رسالة البحر . طفل يكتهل ويشيخ وتفيض به فضة النوم أحلامه كفيلة به و بين يديه ينشأ النخل مثل جنة الليل، مشمولاً ، وليس لولده سلطة عليه. يا محمد .. تصاب بالهذيان وينتابك الحديد وتأخذك رجفة الأقاصي، فاشطح كما تشاء، وتيمـم بالوحي كما تشاء، ولك أن تغتر بولدك وهو يـعـق و يجحد و يتيه و يقود العصيان عليك . قيل له : يا محمد طفلـك مثلـك يرث الحبسة والعزلة والكهف ، و يتمجد بك و يسأم . قيل له يا محمد وكان في حديدة الحلم . -- خديجة زعفران لمنديلها -- هذيت بنا منذ ليلين ، كنا هذيناك كانت خديجة مفؤودةً بالغياب هتفنا نسلي لها القلب ، عينان مأخوذتان وتاريخها فضة النوم . رأت ، أو تراءى لها ما رأت، زوجةً لإبنها ، رأت ، أو هـذت ، أو هذينا لها. قيل لها : يا خديجة .. هذا صغيرك العاشق الفتي . .. هيئ لك خذيه، لئلا تأخذه الفتنة بالناس إلى خمرة التهلـكة. يا خديجة ، وأغويه ، فليس له مهب سواك . قيل لها ، و كانت في الشهوة ، في بهجة الصهد يتفصد تحت وطأة الكلام ، في الريح وهي تمزج الطلع بالهواء ، في بيت الحريق وهو يمحو ، في ليلـها ، واهب الكوابيس ، في ردهة الكهف ، فوهة للخراب . يا خديجة .. هذا فتاك ، طريد الزنازن والحانات خـذيه ، واجعليه خدينك الأثير ، ودثـريه بشغفـك الباذخ يدحمـك ، و يمنح نسلـك المجد ، خذيه ، و اسدلي وشاحك في مهده ومثواه . صغيرك الغر و فتاك الفاتن وفارسك المأخوذ بترف المعنى . قالوا ، يا خديجة ، فـضي طفلـك المفتون كي يجتاز محنتـه و يبرأ من رخام الكهف ، فـضي وحشك المذعور كي يهوى . و قالوا ، ضمخي شفتيه بالرؤيا لكي يهذي و قالوا ، زيني بالزعفران يديه أو خديه . مكتوب لـه .. يبكي لـك ، وله القطيفة وانخطاف الزيت في القنديل و القفطان يبلى في بكاء النار . قالوا ، تسمعين اليوم فرحته الذبيحة وهو يزخر بالنصال و كلما يهذي ، يرى القتلى وينتهب الطريق لهم و أنت في انتحاب البرزخ اليومي بين الدفن و الأعراس قالوا ، يا فرات الناس وحدك تسمعين الماء يشخب دونـه و يموت من عطش ٍ و وحدك تنهلين النوم والأحلام . سوف ينتاب الفتى هذيانـه ، ويقوده مـلـك ، وتغفو أمة في ثوبـه ، و ملاكـه السري يمضي شاهقاً وجلاً ، وبين يديك يكتب ليلنا الأزلي ، بين يديك .. يهذي عندما يهوي إليك وكلما يهذي ويهدم هيكلاً ، يهذي .. ويبنينا .. و يهدمنا .. يرى مستقبلاً فينا . يهذي ، عندما تخلو يداه من القرنفل و الحديد ، وعندما يسري به ماء الحديقة ينتشي في ثوبه ، يحنو على كـتبٍ ويمحو قهوةً و يظل يهذي. ربما تنتابه الرؤيا و يجترح المعاجز ، يهتدي بالبرق كي تـرمي السماء عباءة الفوضى وتنتخب الكتابة، عله يزهو بها. فلربما منحته أسماء وترياقاً لًيقرأ ، ربما طارت به الحمى ونـز الضوء من أطرافه ، و مضى يهلهل سره في بهجة الأسماء، ليلاً هاطلاً في زمهرير الروح ، يهذي مثلما تفشي غيوم حبها للأرض . -- حكمة النساء -- أجهشت النساء المغدورات برجالهنَّ و أوشك الجزعُ أن يبلغ بهنّ ليرمين خواتمهنَّ في وجوه الرجال لكنهن استدركن فأمسكن عن الخلع واستدرن نحو دُورهنَّ يدهنَّ الأسرَّةَ بالتوابل ويؤجّجن القناديل بزعفران السهرة و يذهبنَ في استجواب المرايا يشحذنَ َ أسماء عشاقهنَ بالأكباد وكان في ذلك حكمة سألتْ امرأةٌ وهي تشقُّ القمصان من كل جانب لماذا لا تطلق الغابة كائناتها فصلاً واحداً تمتحن بها طبيعة النساء المغدورات رهينات الوحشة في الغرف الشاسعة مثل شتاء الغربة؟ سألتْ امرأةٌ ، محسورة الروح وكان في ذلك حكمة أخذت امرأةٌ عدّةَ زوجها وبدأت في كسر أرتاج الأبواب وخلع النوافذ بستائرها المسدلة فتحت ثغرات الفضاء في جوانب الدار وسمحت لشمس الليل أن تسهر في البهو وللنجوم أن تحرس المداخل لئلا يستوحش كائن في الظلام كانت تلك مبادرة باسلة استيقظت بها أحجار الغابة ونهضت لها شكيمة المبارزات لم تكن المرأة وحيدة في شهوة الشغل وكان في ذلك حكمة سحبتْ امرأةٌ سريرها المشبوق نحو حوش الدار و أطلقت وحش الأساطير في بخور الأرجاء ثم طفقت في الأغنية كانت جوقة الملائكة معها و مجامر العنبر معها ومعها قندة الليل تحرسُ السهرة فطاب لها أن تقترن بالهواء وكان في ذلك حكمة أخرجت امرأة صندوق عرسها المكتظ برسائل الحب وراحت تتلو أجمل الكلام كمن يقرأ التعاويذ في محراب فأخذ المارة يتقاطرون حولها مأخوذين بكلام الأكباد وكانت المرأة ملتذّة كأنها في الحب وشبح الشخص ماثلٌ في الذاكرة طفقت الريح تمدح الكلام كمن يوقظ الفتنة وكان في ذلك حكمة حلّتْ سيدةُ البيت شعرها وبدأت تغزل به حجاباً غامضاً يغلب القاطن المستقر ويغري الرأس بوسائل السفر بكت معها غريزة الغريب وبكت عليها حكمة القلب فاحتدم حشد من كائنات اللذة يؤلفن الكتب و يؤثثن الطبيعة بالأسرار و كان في ذلك حكمة نساءٌ مغدورات برجالهن يغدرن بهم ويكشفن لهم ذريعة الفتنة كأنَّ في ذلك حكمة . . بعد أن انتهى قاسم من الإلقاء ، وُجِّهَتْ لَهُ بعض الأسئلة ، و كانَ أجْدَرُها بالذِّكْر سؤال الأستاذ الصديق / محمد خضر ، حينما قال : ما ترى في مدى نجاح النَّص مع الصورة خلال تجربتك مع الفنان الفوتوغرافي المرحوم صالح العزّاز ؟ أجابَ قاسِمْ بأنَّ الصورة تتفوّق على الحروف في أثناء كثيرة ، فالصورة تتحدّث بلا لسان ، و يفهمها العالم كله .. ( و لأن التجربه لا زلتُ امضي فيها ، فالنتيجة التي جاءت من ذلك كانت مرضية جداً لي ) . كما تقدَّمت الفنانة التشكيلية ( حميدة السنان ) بمداخلة أثنت على قاسم " العذب " و الذي هَيَّج شظايا الحُب من الأرض باتجاه السماء.. فسرح بنا بعيدًا و كانَ أشدَّ من الإبداع ذاته إبداعًا . التواجد كانَ كبير جدًّا ، فمن جهة النساء ، حضرت " كوثر موسى " و كذلك " سمر البيات .. و التواجد من جانب الرجال بدا كبير جداً جداً.. محمد العلي الفيلسوف و الأستاذ جعفر الجشي و الأستاذ فاضل عمران و الأستاذ محمد الحرز و الأستاذ رائد الجشي و الأستاذ حسين الملاك و صديقنا العزيز الذي طغى الشيب على رأسه " فاضل الجابر " و الأستاذ مالك اصفير و الصديق العزيز محمد خضر و الزميل الروائي مصطفى سعيد . ( ليعذرني من نسيته ) اترككم مع الصور[/align]
 

وجوه

Active member
اخت زهرة
حاليا المنتدى في مرحلة صيانة وفي عطل في تحميل الصور له
الحل هوان تحملي الصور على أحد المواقع المجانية للصور ثم وضع الرابط في الموضوع
 
الأخت الغالية ...زهرة الناس
في البداية اشكرك على نقل هذا الخبر الرائع
قاسم حداد.......شاعر قدير لا يختلف علية اثنان
متميز بجمال قصائدة و روعتهااااااا
يستحق النجاح والتميز
وشكـــــرااا على التغطيــــة الرائعة

في انتظار الصور :wink:

تحيااااااااااااااااااااااتي

عاشقة السحاب
 
أعلى