أيقظتني الساحرة

إلى من تعلق القلب بهم
وتاهت الروح اليهم

أنقل لكم اليوم جزء من ديوان الشاعر الكبير قاسم حداد الجديد "أيقظتني الساحرة" الذي سننقله لكم على حلقات

أيقظتني الساحرة

-1-

أيقظتني الساحره
رسمت لي رمزها
وسقتني كأسها
كلما أغفو أراها
عند حرفي ساهرة.

-2-

أستحلفك يا زرقة النوم،
غرري بي
واجعلي الشهوة قنديلا لخطواتي.
أججي روحي،
وانتصري بها على جسدي،
وخذي بقلبي ناحية العمل.
أطلقي البراكين في دمائي،
لئلا أغفل،
فأجلس إلى طاولة
ويقعدني كرسي
وتنال مني راحة الحكمة.

-3-

أوقفتني الجنية الزرقاء في الحنان وقالت:
سمعتك قبل أن أراك،
ورأيتك قبل أن ألقاك،
وعشقتك قبل أن أغشاك،
وانتهيت بك قبل مبتداك،
وسكرت بك قبل نبيذك...
وهذا يكفي.

-4-

أوقفتني وقالت لي:
ليس الكلام في الكتب،
الكلام في الناس.

-5-

أوقفتني في العدد وقالت:
يحصونك في كثير
واحد في الظاهر،
إثنان في الباطن،
يتناوب عليكم الحرف والخط
وكيمياء المعدن الكريم،
شخص واحد في الرقعة
والنسخ
والثلث.
حبرك حربك،
حبرك حبك،
حبرك بابك الرحب،
يحج الخلق إليه.
حبر يجعل الحق ساطعا.

-6-

رسمت لي الخرائط كي أضيع،
وضعت لي الحب على القلب
كي ينالني الشغف،
صرت لي الطريق،
وفتحت في القبر بابا على الحياة.
كي أسمي لك نفسي
ولا ينالني السهو ولا السديم.

-7-

أوقفتني الجنية الزرقاء وقالت لي:
تصقل الكتابة بالتجربة
مثل نهر يزخرف الجبل،
نهر الدم يطفر من الكتب،
نهر يفيض ويذهب في أخبار القتلى.
تقرأ تراثك
كمن يستعيد النص في حضرة حلم
يوشك على النجاة.
ولم يكن في ذلك دلالة ولا حكمة.

-8-

يجهش بك القلب،
فينال الغبطة
وأنت تغسلين القميص الذي يسع الكون كله.
قميص يرث العلم والعمل،
قميص يتماهى في جسد
ينظر...وينتظر.

-9-

أوقفتني في النشيد وقالت:
يقودون المدينة بقطيع البغال،
ونشيدك محمول في حناجر الجوقة
وخزانة الأفئدة،
يدخرون النور لساعة الحلك
والنيازك لدورة الفلك
والصلاة لبهجة الملك،
فاطمئن ولا تحزن
يأتي لك يومك المبين
تجلس في جوهرة التاج
كتابك عرشك
وقلبك عرسك
وجنة الناس نزهة لك.

-10-

أوقفتني في المسافة وقالت:
حجر يولد منك،
يأخذ طبيعة الريش
ويملأ المسافة بنحيب الملائكة.
يتقمص شهوة الهواء،
يخفق بالأجنحة
ويطير متشبها باللغة.

-11-

أوقفتني في شغاف الكتب
ونهرت بي يقين البهائم.
فرأيت قليل القلق
يستيقظ..ويموت.

-12-

أوقفتني في صورة النار وقالت:
تقيس البرزخ بجسدك شلواً شلواً
وتختبر الجسر بعابرين
يتعثرون بكلمات تنشأ مثل النبات.
عابرون أخف من الطير
وأكثر خشوعا من الولع.

-13-

تحبسين الكائن في زرقة الليل،
وتشحنين قلبه بالأحلام،
مثلك، زجاجة الله،
تطلب الزيت والزعفران.
فلا يعود نوم لك ولا ظلام.



مع خالص حبي وتقديري

محمد
 

ليل المحرق

Active member
أيقظتني الساحرة..

انضم الى مكتبتي منذ اليوم الأول لصدوره..
وهو اول كتاب لقاسم اشتريه بنفسي..

:lol: البقية كلهم من مكتبة البابا..

كتاب رائع بكل معنى الكلمة..


:p انا ايضاً ادعوكم لقراءته والتعرف على عالم قاسم حداد الملئ بالابداع والتميز..


احييك استاذي على اختياراتك المميزة دائماً..

تحياتي لك
 

وجوه

Active member
ليل المحرق قال:
كتاب رائع بكل معنى الكلمة..


:p انا ايضاً ادعوكم لقراءته والتعرف على عالم قاسم حداد الملئ بالابداع والتميز..
أخت ليل يا ريت بس لو تكتبين اكثر ملامح روعة الكتاب بنظرك حتى تشاركينا هذه الروعة
 

ليل المحرق

Active member
مرحبا اخ وجوه..

اممم

اكثر ملامح روعة الكتاب في نظري..

تأملوا معي هذه الجملة الموجودة على الغلاف.. والموجودة في الكتاب ايضاً..

أوقفتني الجنية الزرقاء في الرؤية
وقالت لي:
لا تكلمهم الا رمزاً
ففي ذلك نعمة لهم
ورحمة عليك

هذا اكثر ما شدني للكتاب عندما شاهدت غلافه..

اذاً فالمحتوى ملئ بالرموز وهذا ما احبه في الشعر..

اما بالنسبة لهذا الكتاب بالتحديد..

فهو حوار بين قاسم وجنيته الزرقاء.. في اطار مميز وغامض..

الترجمة الانجليزية ايضاً اضفت لي الكثير من المتعة في قراءة هذا الكتاب..

الرسومات الجميلة للفنان عبد الجبار الغضبان وعباس يوسف ..

وصفحة 82 التي افتحها كلما اردت قراءة الكتاب :

أوقفتني في الاسم وقالت:
ليس لاسمك قرين
ولا يقرأ اسمك الا نفسك
لموتك اسماء لا تحصى
اسماء لك واسماء عليك
تأخذها وتسمى الأشياء لها
تنال الاشياء طبيعتها من اسمائك
ففي التسمية سر الأسماء
واذا قالوا لك اسم الاسم
فإنك من التأويل قريب


احب تكرار الكلمة نفسها في القصيدة الواحدة..
 
أعلى