بعد وجوه تجربة " أيقظتني الساحرة "جديد قاسم حداد

وجوه

Active member
احتفالية ابداعية مختلفة تجمع أشعار قاسم حداد بلوحات محمد العامري وهيلدا الحياري وموسيقي الناصر​


أيقظتني الساحرة في غاليري الأروفلي بعمان:

عمان ـ القدس العربي ـ من يحيي القيسي: يشهد غاليري الأورفلي بعمان خلال الفترة من 13 من شهر شباط (فبراير) الجاري وحتي السادس والعشرين منه احتفالية خاصة يشارك فيها الشاعر البحريني قاسم حداد بقصائده ولوحات التشكيليين الأردنيين محمد العامري وهيلدا الحياري،

لمعرفة التفاصيل اختر " قراءة التعليقات"
 

وجوه

Active member
رد: جديد الشاعر قاسم حداد بلوحات محمد العامري وموسيقى الناص

أيقظتني الساحرة في غاليري الأروفلي بعمان:

عمان ـ القدس العربي ـ من يحيي القيسي: يشهد غاليري الأورفلي بعمان خلال الفترة من 13 من شهر شباط (فبراير) الجاري وحتي السادس والعشرين منه احتفالية خاصة يشارك فيها الشاعر البحريني قاسم حداد بقصائده ولوحات التشكيليين الأردنيين محمد العامري وهيلدا الحياري، فيما ستنظم أمسية خاصة يقرأ فيها حداد قصائده بمشاركة الموسيقي طارق الناصر، وقد شهد افتتاح الفعالية مساء الأحد حضورا مكثفا ونوعيا من المثقفين الأردنيين، وجرت تحت رعاية ودعم أمين عمان الكبري المهندس نضال الحديد، والتجربة الجديدة التي جاءت تحت عنوان أيقظتني الساحرة تضم لأول مرة لوحات للعامري استوحاها من قصائد حداد، ولوحات أخري للحياري إضافة إلي كتاب يجمع لوحاتها بكتابات حداد بيده، وهي محاورة بين التشكيل والكلمة، واحتفائية خاصة بالشاعر المتميز حداد الذي تلقي قصائده إقبالا نوعيا من قبل المثقفين الأردنيين، ويشارك في أغلب النشاطات الشعرية التي تقام في الأردن ومن أبرزها مهرجان جرش، وتتميز تجربة العامري بأنها متجددة قياسا لتجاربه السابقة واستطاع أن يتخلص نهائيا من الألوان الطينية ومشتقاتها المتدرجة بين البني والأسود والأبيض، وهو هنا يحتفي باللون الزاهي المليء بالحياة، أي لون الزهور والشجر والسماء أي ما يتدرج من مشتقات الأحمر والأزرق والأخضر، ويلمح مشاهد لوحات العامري تلك الأشكال التي تأخذ شيئا من التجريد وملامح من التعبيرية، وهي لأجساد أنثوية جامحة، في حالة من الرقص الكوني، وتبدو الخطوط حادة ومتقاطعة علي وجه اللوحة، بل يعمد أحيانا إلي (الخشط) الغائر، ويبدو أن استقرار العامري في العاصمة عمان، وتجاربه في السفر المتكررة وآخرها إلي ألمانيا قد ساهمت في إبعاده عن الألوان الترابية التي كانت مهيمنة بفعل التأثر بأجواء قريته القليعات في غور الأردن، وأغنت رؤيته البصرية للألوان ،وهو قادر علي مفاجأة رواد معارضه بكل جديد، فهو لا يركن إلي السائد بل يظل يتجاوز نفسه في كل تجربة، ويلمح المرء أيضا في تجربته الأخيرة محاولة للخروج عن إطار اللوحة عبر رسم علي هيكل خشبي لكرسي، أو رقعة ورقية غير منتظمة، وتقول السيرة الإبداعية للعامري بأنه شاعر وصحافي وتشكيلي وناقد ،وترأس رابطة التشكيليين الأردنيين من 2000 ـ 2002، ويعمل حاليا رئيسا لقسم الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة، ومحررا ثقافيا في جريدة الدستور، وقد أقام 12 معرضا شخصيا ما بين 1983 ـ 2004 كما شارك في أكثر من مئة معرض جماعي داخل الأردن وخارجها، وهو مشارك نشط في المؤتمرات الدولية والعربية في مجال الفن التشكيلي، واختير ككاتب زائر لمدينة ميونخ الألمانية لمدة شهر خلال العام 2004، أما مؤلفاته في مجال الشعر والتشكيل فهي : معراج القلق ـ شعر، 1990، خسارات الكائن ـ شعر ـ 1995، بيت الريش ـ شعر ـ 1999، قميص الحديقة ـ شعر 2005، المغني الجوال محمد القيسي ـ تحرير وتقديم، فن الغرافيك في الأردن ـ 1999، الشاهد والتجربة ـ عن الفنان رفيق اللحام، 2001، عزلة الفراغ ـ 2003.
أما لوحات الفنانة الحياري فقد بدت إضافة حقيقية لتجربتها، وتحمل تجديدا في بنيتها وألوانها ومعالجتها، وهي هنا تحتفي بالألوان الزرقاء والحمراء والسوداء وتدرجاتها، ولكن المدقق في اللوحات يجد أيضا ألوانا أخري تبعث البهجة في النفوس، وتحيل المرء عبر الأشكال الدائرية إلي احتمالات عديدة، منها الكواكب والأفلاك ومداراتها، وربما أيضا أصل الإنسان أي البويضة التي تحمل بذرة الحياة في نضجها، وأيا كانت تلك الدوائر المحيرة، التي تنتشر بكثافة علي جسد لوحات الحياري فإن المشاهد لها يشعر بذلك التدفق اللوني المثير للدهشة، وقدرة الفنانة علي امساك ذلك السيل من اللون الأصفر مثلا أو الأبيض أو الأحمر الذي يشق اللوحة مثل سيلان الحمم البركانية، وهي أيضا تتفنن في هذه الكرات والدوائر وموضعتها علي سطح اللوحة ،وتصغيرها أو تكبيرها، المهم في النهاية أن هناك انسجاماً، وحالة هارمونية يستطيع المشاهد أن يدركها علي الفور ،وهكذا تكون الحياري قد انتهت من المراحل السابقة من أعمالها التشكيلية التي كان للعصويات والأشكال الدودية الصغيرة هيمنة طاغية، وإذا ما أخذنا ذلك علي محمل بيولوجي فإن تلك المرحلة تمثل ماء الحياة في جسد الرجل، وهنا حواضن الحياة في جسد المرأة، وفي النتيجة ستكون هناك ولادة ثالثة للوحدة جديدة تتخلص من التجربتين معا، ولكن ما يثير في معرض الحياري ذلك المجلد المكتوب بخط حداد لقصائده، وقراءة فيها للوحاتها، رغم أنني أعتقد أن العكس قد حصل أي قامت الحياري أولا بالرسومات وأتبعها حداد بالكتابة، أو أن الأمر قد جاء من قراءة مشتركة للقصائد أولا أنتجت العمل التشكيلي ثانيا ثم كتب حداد القصائد بخط أبيض علي مساحات سوداء أوغامقة من ألوان الحياري، وهو كتاب متميز حقا، ومن المتوقع أن يطبع منه ألفا نسخة قريبا، ويوزع علي نطاق عربي ودولي.
تقول السيرة الإبداعية للحياري بأنها من مواليد عمان ودرست العلوم السياسية وعلم الإجتماع في الجامعة الأردنية 1990، ثم اختارت تخصصا جديدا حيث درست الفنون التشكيلية في جامعة الزيتونة 2004، وهي عضو في رابطة التشكيليين الأردنيين، وسبق أن تولت فيها بعض المناصب الإدارية، وكما شاركت في عشرات المعارض الجماعية في الأردن وخارجها، أما أبرز معارضها الشخصية فكانت في بيروت وعمان، وللحياري مرسمها الخاص في عمان، وأنتجت مؤخرا عملين بطريقة الفيديو آرت.
يقول الناقد التشكيلي والفنان الأردني عبدالرؤوف شمعون عن هذه التجربة ونشر في الكتيب المرافق للمعرض هذا اللقاء بين الشعر واللون عبر تجربة بالغة العفوية مرة أخري يعد مخرجا من الرتابة ومن تقاليد نفسية متراكمة ومتدافعة في زمننا، وهو يكشف عن طاقة مختبئة تحت الغفلة، طاقة بجاذبية غير متكلفة تشد العلاقة بين الشعر واللوحة بمفردات ما وراء التشابه المفترض بين لغتين، في هذا العصر أو ما قبل، ثمة علاقات ذات خصوصية ملفتة قامت بين الشعر واللوحة بمفردات ما وراء التشابه المفترض بين اللغتين، في هذا العصر أو ما قبل . ثمة علاقات ذات خصوصية ملفتة قامت بين شعراء وفنانين، حالة تفاعل متقدمة من شأنها إزالة بعض تعقيدات الفهم والتذوق بين الكلمة واللون، لم يكن الوعي البصري إلا المجال الأثيري لكهذا اختبار، باستطاعتنا أن نقدر وبنزاهة هذه الحواس المشرعة لدي الأصدقاء الثلاثة والذين تلاقوا حول فطرة تنفذ من فطرتها إلي تضادات عديدة، الدرب المؤدي إلي شيء من التمرد الداخلي المغاير للهدوء التقليدي، ويحق لأعمال هذا المعرض طرح تساؤلات عن الإحتواء والمقاربة، الإحالات الدلالية أو عن أي تبادل للأثر بين مفردات النص والمكونات البنائية للأعمال الفنية .

هنا ما كتبه الشاعر قاسم حداد عن هذه التجربة

حداد: مرح الضواري

لا تتوقعوا مني النجاح في وصف ما لا يوصف،
فالقوة الداخلية التي تمنحني إياها الكتابة، سيعمل الرسم دائماً علي شحذها حد الرهافة، ولكم أن تتخيلوا كائناً يتقمص الفراشة ذاهباً لوصف اللهب.

ہہہ
يوماً بعد يوم، تجربة بعد الأخري، أشعر بأن ثمة ما يختزل المسافة بيني وبين التشكيل. وثمة ما يمنح عشقي لهذا الفن غواية نوعية لكي أضع نفسي في مهب الرسم وأنجو بمغامرة لا نجاة منها.
لكن، ليست نزهة الذهاب الي الحب برفقة الضواري.
هيلدا حياري ومحمد العامري تجربتان ضاريتان بالمعني الجمالي للكلمة، فكلاهما يصدران من تجربة تشكيلية مركبة الحساسيات، متنوعة أدوات التعبير، ومتفاوتة آليتها في الوقت نفسه. الأمر الذي سيجعل رفقتهما من باب وصف ما لا يوصف.
غير أنني سأري في هكذا مغامرات ضرباً من إيقاظ الفتنة وتمجيدها.
ہہہ
في الفن، كلما طال نوم الفتنة قصرت، أو تأخرت، فرص الإبداع في التجربة. فالفتنة هنا هي الشرفة الملكية للدهشة. الرسم، هو فتنة لا يتوجب السكوت علي غفوتها.
الفتنة نائمة، إلي أن تمسها يد السحر فتبدأ تفجرات الأعماق الكامنة، وكل ما يأتي من الأعماق لا نقدر علي الشك في صدقه، فناً وعاطفة.
الفتنة نائمة، جل من أيقظ الجمال فيها.
وفي الفن، ليس من الحكمة أن تصد إيقاظ الفتنة، بل عليك تأجيجها دائماً، ومن ثم تحسن الإصغاء لأحلامها وإطلاق حرية الفضاء كاملة لها، لكي تبوح لنا بالجميل، والجميل هو دائماً جديد، ويدعو للدهشة.
كأن الساحرة التي أيقظتني سوف توقظ الفتنة عند غيري كل علي طريقته.
في البدء، لم اعرف كل هذا المكر الباهر لهذه الساحرة، لكن عندما رأيت ما فعلته هيلدا حياري ومحمد العامري، تيقنت أن الخيال الجامح ليس قريناً للشعر فحسب، لكنه شرط الشعرية في الكائن.
ہہہ
كأن الساحرة قد أعطت لهاتين الموهبتين أسراراً لم تبح بها لي ولم تدر في بالي. وربما هنا بالذات مكمن الجديد المدهش في أعمال كل من هيلدا ومحمد. فليس للنص سلطة علي الرسم إلا سلطة الحب، وليس ثمة فارق بين الرسام والشاعر في درجة المخيلة إلا بنوع وأدائية عملهما.
كأن الساحرة قد أعطت بالكرم الذي لا يتردد أي مبدع في منحه للآخرين. فبعد تجربة الصديقين عبدالجبار الغضبان وعباس يوسف في معرضهما مع النص نفسه في اذار (مارس) من العام 2004، سأجد نفسي في مهب ضرب مختلف من القراءة. التجربة هنا لها النكهة والرؤية وآلية العمل المختلفة كلياً عما أنجزته التجربة السابقة. كأن الساحرة تثبت مجدداً هنا قدرتها علي التحرر من النبع، حيث كل نهر يشق طرقاته المختلفة علي هوي ما يحب ويحلو ويطيب.
وعندي، أنه كلما تمكن النص أن يتحرر من كاتبه، فيما هو يستسلم بين أيدي الآخرين (وبمخيلاتهم الفائقة النشاط) تيسر له أن يستعيد حيويته وفعاليته الانسانية وحضوره الغني في الكون. وعندما يكون الآخر مبدعاً فسوف يكون فعل التحرر هذا مفتوحاً علي رحابة الأفق بامتياز الجمال الجدير بالتحية.

ہہہ
كأن النص، مع هيلدا ومحمد، لم يكن وحده. لقد كانت معه الألوان كلها والولع جميعه والحلم الكوني علي آخره. لذلك ما كنت لأشعر بالبرد وأنا في جحيم هذه الفتنة الضارية، تصغي للخفي من بوح الساحرة، وتلقنها درساً جديداً من الحب لا تدركه النصوص ولا تفرط فيه القلوب، إلا من ضعف إيمانه وقلت حيلته.
فادح أن تري كتابتك مهدورة (بشتي الألوان) علي هذه الشاكلة التي اجترحها لنا عمل هيلدا ومحمد. غير أنهما قد منحا النص مجد التفتح مثل وردة الله في الناس. ومنحاني النزهة الجهنمية في حدائق ألوان توشك علي فرح الطفولة حيناً ومرح الضواري أحياناً أخري.
ہہہ
كأن الولع كان جديراً وكافياً.
لقد جاءت هيلدا من المجرات التي زخرت بها أكوان لم تشبه مثالاً في أعمالها السابقة. جاءت، لكي تصغي الي السحر علي آخره وتزيح له حيزاً في الروح. لكن من دون أن تتخلي عن عناصر لوحتها السابقة، (مثل دوائرها الأثيرة، كويكبات غنية الدلالة) نجدها هنا تصنع شيئاً شديد المغايرة، شهي المغامرة، شامخ المجرات.
في تجاربها السابقة، كأن الرسم عند هيلدا هو فعل تقويض لزخرف التشكيل الذي نصادفه في المشهد العام. وبدا أنها لم تكن مشغولة بإرضاء العين، لكن مأخوذة باستثارة المخيلة. كمن يريد صقل البصر بالبصيرة (والاستعداد لتبادل الأدوار أيضا). وفي مجمل عملها السابق ما يشي بأنها ليست في وارد مواصلة مهادنة كسل المخيلة السائد ومجاملته، لكنها تسعي الي أخذ الذائقة البصرية الي المطارح التي لا يطالها القول الأدبي عن اللوحة، تأخذنا الي لغة التشكيل بالمعني التقني للوحة بوصفها كائناً يستعصي علي التبسيط دون أن يخضع لمتعاليات الثابت المستقر المقدس. وظني أن اختيار تأسيس الذائقة وصقلها أكثر أهمية، في سياق الثقافة العربية، من مداعبة الجاهز البليد والتربيت عليه، فالرسم سوف لن تعوزه الذرائع فيما هو يعمل صنيعه في حضرة نص أدبي مكتوب، لأن الفن هو ذريعة ذاته. ولن يخفق الرسام دون فضيحة، إذا هو وقف في حدود النص كذريعة.
ہہہ
عندما انبثقت النار الأولي في لوحات الكتاب الفني، كأن هيلدا قد اكتشفت أنها في تجربة تشير إلي أفق آخر. ففي كتابها الفني الجديد يمكننا ملاحظة مغايرة نوعية عن كتبها الفنية السابقة، وهي المولعة بالكتب. تمرد الألوان هنا كانت البداية الحقيقية لما سيأتي بعد قليل من أعمال الساحرة في رسم هيلدا. الألوان في الكتاب تريد أن تقول ما لم تقله الساحرة، فإنني علي الأقل لم أصادف برتقالياً جهنمياً كهذا، فللون هنا انبثاقات احتفالية حيناً وحوارية حيناً آخر.
كما لو أن علينا أن نصغي الي اللون الأكثر نشاطاً في كتاب هيلدا الزاخر بمدخرات سبق أن اكتنزت بها دوائر الأعمال السابقة.
كأني بتلك الدوائر الهائمة في سديم المجرات تتفجر باحتمالات الحواس، متجلية في آلية ألوان لم تكن مألوفة في لوحات هيلدا قبل ذلك، الأمر الذي يجعل كتابها الفني ينطوي علي شحنات عاطفية يتكفل بها لونان: برتقال الجحيم وأبيض الجنة. ليصير للكتاب مكانة تضاهي قلب الساحرة وأحلامها.
كأن علي من يعرف أعمال هيلدا السابقة، الانتباه الي ما تقترحه علينا في لوحاتها الجديدة من إنتقالة فذة، حيث هذا الانفجار اللوني الأخاذ، والشكل الذي يواصل تحرره في علاقات بالغة الاختلاف عما كانت في أعمالها السابقة. كأن ثمة شعورا بأن اللون قد بلغ درجة متقدمة من النضج، بحيث يقدر علي قيادة تقنية اللوحة أكثر مما كان يفعل الشكل في السابق. اللون هنا صار هو ما يخلق الشكل ويحرره في آن. هنا سيشعر المشاهد بأن حساسية الطاقة البصرية (التي تعيد هيلدا اكتشافها الآن في الفيديو آرت) ضاعفت لديها وعي حريات اللون بوصفها عنصر الفعل الأول في مرحلتها الجديدة.
هل اللون ضرب من السحر؟
ثمة الساحرة متقمصة الرسامة، أم أن العكس؟
كأن ساحرة فقط تقدر علي تقليد ساحرة مثلها.
ہہہ

لكن، هذا ليس كل شيء، تعالوا أنظروا ماذا فعل محمد العامري (وهو الشاعر أيضاً) في حدائق الساحرة، لكي يصوغ لنا حفل زفاف مجنون مكتنز بالبهجة الضارية.
العامري لم يكن يشتغل بهذه الطريقة، وربما، إلي حد كبير، ليست هذه ألوانه المألوفة، أو، علي الأقل، ليست بهذه العلاقات اللونية المسكونة بالمكائد ذات الحدود البشرية. العامري الشاعر هنا يعطيني الإحساس بأنه يصدر بقوة الشهوة الحميمة، ليست في قراءة النص، لكن في إعادة كتابته وبالأداة والآلية التي سيقصر الشاعر دائماً عن تحقيقهما في حقله. من هنا سيبدو لي العامري في هذه التجربة يصدر عن إحساسه بالتميز لكونه شاعراً يعمل علي إعادة خلق نص لم يكتبه، يمتلك الآن أن يرسمه.
ولعل في تجربة العامري من التركيب ما يضعه في لحظة الطرافة، وهي لعبة جديدة تستدعي قدراً كبيراً من الرشاقة الإبداعية، بحيث يضع حساسيته الشعرية في خدمة ذائقة التشكيل واللغة البصرية المختلفة، تقنياً، عن الكتابة التي يعهدها.
ہہہ
كأن أحلام الساحرة هي (باليتة) محمد العامري يغرف منها ويغمر لوحاته بمهرجان البهجة والمكر في نفس اللحظة، ربما لأن اختلاط المكر بالبهجة هو الشرط الذي اكتشفه العامري في معطيات لم يحلم بها كاتب النص.
كيف تسني للعامري أن يصنع لنا (فيما يحقق الصنيع نفسه مع الساحرة) نصاً تشكيلياً لا يفسر النص لكن يكتب نصه الخاص في فعل حميم هو الحب عينه.
لونياً، أشك (لئلا أقول أنني متيقن) بأن محمد العامري قد وقع علي خزانة ملابس الساحرة لكي ينجز هذه الجنة الباهرة من الألوان. وليس من غير دلالة أن يمزج العامري ألوانه بهذه الطريقة الشفافة الرهيفة التي لم تكن بهذه التقنية فيما سبق له. ثمة السحر يمسّ الشغاف في اللحظة التي يدير (الباليتة) وينال منها ألوانا تتخلق في فضاء المسافة بين الباليتة وقماشة اللوحة. خزانة الملابس هذه هي المخيلة التي نقلت لنا ملامسة العامري للكائنات المستيقظة تواً والمشاركة في بهجة الحواس الحميمة، لكي نصدق أن ثمة فرحاً يغمر الكون بفعل الفتنة التي تطلقها الساحرة في الناس فتتفتح مثل وردة الله.

ہہہ
المشوق في تجربة محمد العامري هنا أنه سيقترح علينا في لوحاته، بألوانها المتألقة نوعاً من السرد الشعري كثيف الاحتدام بين حضور الكائن وبروز وبين تماهيه في انتقالات ساحرة بين الشكل واللون، فيظهر لنا الاشتغال التقني علي تفادي تقنية السرد الشعري في النص وتشخيص السرد التشكيلي بكائنات تزعم أنها الساحرة في تجلياتها المختلفة. لقد بدت لي هذه اللعبة علي درجة بالغة من التشويق، بالصورة التي منحت العامري (لتمنحنا لاحقاً) دهشة ومتعة جديدتين علي معرفتنا بأعمال العامري السابقة.
بناء علي هذه اللعبة الإبداعية شعرت بأن العامري قد ينجح في جعل حركة تجريده، بفعل رشاقتها، بحيث لا يخسر الشكل ولا يجعل اللون منتصراً عليه.
كأن من الصعوبة أن تتأمل عميقاً لوحات العامري دون أن تتعرض لبعض هذه الاحتمالات. ليس لأن الفنان قصد ذلك قسراً، لكن لأننا سنقصر عن المتعة المتاحة، وبالتالي سنخسر فرصة الاستمتاع بموهبة الذائقة البصرية التي علينا عدم التفريط في استحضارها وصقلها بمعطيات تجارب تشكيلية علي هذه الشاكلة.

ہہہ
لماذا أشعر بأنني مأخوذ بالمغامرة كلما تعلق الأمر بهذا الحوار الإبداعي بين التشكيل والشعر.
لماذا لا أتفاجأ بنزوعي العفوي نحو ما يستعصي في حضور ما يستهين.
لماذا ينتابني القلق وأنا أتلقي درس الرسم مجدداً في لحظة التجربة المشتركة، دون أن أفقد يأسي مما يجري تداوله في كثير القول الفني.
لماذا أنال الغبطة كاملة وأنا أري الساحرة التي أيقظتني كفيلة بإيقاظ الآخرين، ودفعهم الي فتح الحواس كلها علي فتنة الجمال الفني.
لا أسأل، لكنني أستسلم للسؤال.
 

ليل المحرق

Active member
رد: بعد تجربة وجوه قاسم حداد بلوحات محمد العامري وموسيقى الن

من منتديات محجوب

[web:e37cda9886]http://www.mahjoob.com/en/forums/showthread.php?t=113813[/web:e37cda9886]
 

وجوه

Active member
رد: بعد تجربة وجوه قاسم حداد بلوحات محمد العامري وموسيقى الن

منقول من صحيفة الدستور الاردنية
التاريخ : 02/2005

فعالية تشكيلية شعرية يقيمها الاورفلي بالتعاون مع امانة عمان * قاسم حداد: تجارب الاخرين تجعل مقدرة الشاعر على تجاوز التخوم ممكنة اكثر


الدستور- جهاد هديب: ربما كان ما من شاعر عربي في النصف الاخير من القرن العشرين اشتبك مع النص البصري التشكيلي واتاح له التأثير فيه مثلما فعل الشاعر البحريني قاسم حداد.
بدءا من »النهروان« مع الفنان البحريني جمال هاشم في النصف الثاني من الثمانينات وليس انتهاء بـ »ايقظتني الساحرة« الديوان الاخير الذي اشتبك مع نصوصه الرسامين محمد العامري وهيلدا الحياري وموسيقى طارق الناصر شهدت قصيدة قاسم حداد تطورا متواترا بأثر كبير من هذا الاشتباك مع الفنون التشكيلية وما طرأ عليها من تطورات تقنية فيشعر قارئ شعره ان التدفق الحار للصور وسردية هذا التدفق كانها قادمة من تلك الفنون.. تأتي ملونة ومشبعة بعاطفة حارة.
عن اثر الفنون التشكيلية في تطور سياق تجربته الشعرية قال الشاعر قاسم حداد في حديث خاص لـ الدستور: ولعي بالفنون التشكيلية انبثق من الاهتمام المبكر بها ثم تطور الامر بمتابعتي التجارب التشكيلية عموما، ان التشكيل بالنسبة لي نوع عميق من حاسة الصورة عند الشاعر، هذا من جهة، ومن جهة اخرى فقد تمثل في ان الولع الجديد صار في احداث ذلك التقاطع بين الفنون التعبيرية المختلفة كمحاولة لاكتشاف الافق الذي تتخلله التجربة المشتركة.
اظن ان العامل المشترك بين الفنون كلها، وتحديدا الرسم والكتابة هو الشعر: ان الحس الشعري موجود في اشكال التعبير كلها اجمالا، ومن التجارب الانسانية الكثيرة في العصور المختلفة نجد الشاعر يتقاطع مع الفنون الاخرى بشكل عفوي، ولقد وضعت التجربة الثقافية هذا السلوك العفوي في موضع المعرفة والوعي راهنا. اذن هذه الفنون قادرة على صقل بعضها البعض لتنمية عنصر الصورة، ذلك ان مفهوم الصورة في الفن قد تأثر بالسؤال عن مصدر الصورة البصرية في وسائل التعبير المختلفة.
ويضيف الشاعر حداد: ان مثل هذه التجارب من شأنها اغناء المبدع في الحقول المختلفة مضيفة له المقدرة على فتح الآفاق بحرية اكبر وقدرة على تجاوز التخوم بين الاشكال.
وفي معرض اجابته عن السؤال: هل تشهد الفنون الكتابية والبصرية هدما لتخوم النوع في ضوء تطور التقنية؟ قال الشاعر قاسم حداد: نعم، اظن ذلك، فما هو متحقق في تجارب مختلفة حتى الان في فضاء التجربة الثقافية الكونية المشتركة يشير الى ذلك، وبالفعل هناك العديد من التجارب التي استطاعت ان تحقق نماذج متقدمة ونماذج تضيء ما يحدث من تسارع نوعي في التقنية والبرمجيات الفنية التي من الممكن ان تتيح للفنان الاستفادة منها، ما يساعد على تحقيق الاحلام الى واقع ويعني ان تجاوز المفهوم المقنن يحدث عبر تاريخ النوع في درجات مختلفة تتوقف دائما على التقنية المستحدثة فاذا كان القرن العشرين عصر الصورة فاننا الان في بدايات القرن الحادي والعشرين لا بد ان نكون مرشحين لتجارب فائقة التقنية ومتوفرة على برمجيات تجعل مفهوم التعبير غير متوقف عند الكتابة بل يشمل الفنون التعبيرية غير ان هذا الامر يحتاج الى الوعي بضرورة التطور التقني بوصفه ضرورة وليس بوصفه ترفا بل حاجة انسانية لاختزال الوقت والجهد وبالتالي صقل نوعية الانتاج.
وايضا تضع الانسان المعاصر في سياقه الحضاري لتفادي الفجوة التي نحن ضحاياها بين ضرورة المعرفة وضرورة الحاجة.
واكد حداد ان هذه المداخل تجعلنا نثق بان احلامنا مشروعة بنصوص واشكال تعبير مختلفة لا ترى المستقبل من خلال الحاضر بل على العكس نرى الحاضر من خلال المستقبل والا بقينا مقيدين بتكرار المفاهيم القديمة للتعبير وبالتالي نوعية الكتابة.
وخلص الشاعر قاسم حداد الحائز على جائزة العويس للشعر قبل عامين عن مجمل تجربته الشعرية التي بدأت من البحرين عام 1968 الى ان »مشكلتنا عربيا هي كيف نضع الفنون الاخرى في تصورنا النظري والعلمي للتعبير والا فالكلام عن حداثة من اي نوع وبأي معنى بمعزل عن هذه المفاهيم هو ضرب من الوهم والادعاء المبالغ فيه«.
اخيرا فانه فضلا عن »النهروان« و »ايقظتني الساحرة« في منطقة الاشتباك التعبيري للشعري والتشكيلي فقد صدر للشاعر قاسم حداد: اخبار مجنون ليلى مع الرسام العراقي فاضل العزاوي، وجوه مع الرسام البحريني ابراهيم بو سعد وموسيقى خالد الشيخ وغناء هدى عبد الله ومسرح عبد الله يوسف، الازرق المستحيل مع المصور الفوتوغرافي الراحل السعودي صالح العزاز، وايقاظ الفراشة التي كانت هناك مع ابراهيم بو سعد، ومؤخرا ديوان ايقظتني الساحرة مع الرسامين البحرينيين عباس يوسف وعبد الجبار الغضبان.
وقد افتتح المعرض في غاليري الاورفلي في السادسة مساء امس ويستمر حتى العشرين من هذا الشهر وتقام هذه الفعالية الثقافية بالتعاون مع الدائرة الثقافية في امانة عمان الكبرى.



[hr:7fa727463f]
التاريخ : 02/2005

على هامش معرض `ايقظتني الساحرة`: امسية للشاعر قاسم حداد اشبه بحضرة صوفية بـ»الاورفلي«


عمان - الدستور: في احتفالية جمعت بين التشكيل والموسيقى والشعر قدم الشاعر البحراني قاسم حداد امسية شعرية على هامش المعرض الذي تناول موضوعه مجموعته الشعرية ايقظتني الساحرة الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في غاليري الاورفلي.
حيث شارك في الامسية الطقسية الموسيقى الاردني طارق الناصر الى جانب قصائد الشاعر قاسم حداد، جاءت الامسية عبر مناخات اشبه بالنشيد الصوفي مرتفعة مع ليونة الموسيقى ومساحات الالوان في الاعمال الفنية.
كان ثالوت الابداع »التشكيل، الموسيقى، الشعر« يتحرك بتبادلات حميمة تشبه الدوران في حضرة صوفية محكومة بلذة اللوم والموسيقى واللغة الشعرية.
حيث بدأت الامسية بعزف للفنان طارق الناصر على البيانو ليهيئ الجمهور لطقس خاص في السماع، ذلك الجمهور الكثيف الذي تفاعل على حدود اللغة الشعرية وبهجة اللون وحميمية الموسيقى.
ليبدأ حداد بقراءة ممتعة من ديوانه »ايقظتني الساحرة« بقوله:
»ايقظتني الساحرة
رسمت لي رمزها
وسقتني كأسها
كلما اغفو اراها
عند حرفي ساحرة«.
لقد كانت البداية الشعرية كايقاظ للحواس وانتباه لما سيأتي من تداعيات شعرية حول حوارية الساحرة والشاعر الذي حملها مكنونات القلب، وكشف الشاعر حداد عن ملاذات عشقه بلغة مقطرة تشبه الى مدى بعيد اللغة الصوفية في التعبير عن حالاته الوجودية ممسكا بناحية الشعر ليأخذنا الى مساحات الحلم ولذة الطيران.
استحلفك يا زرقة النوم
غرري بي
واجعلي الشهوة قنديلا لخطواتي
احجبي روحي
وانتصري بها على جسدي،
وخذي بقلبي ناحية العمل
اطلقي البراكين في دمائي
لئلا اغفل،
فاجلس على طاولة
ويقعدني كرسي
وتنال مني راحة الحكمة
فأي حكمة ترتجى من جنون الشاعر في نصه، انها مفارقات النفس وارتكاساتها داخل النص. لقد كنا في حضرة »الثالوث« اشبه بمجانين قد قصفوا بالبهجة واللذة معا، انها حالة الارتفاع نحو علياء اللغة وصفاء الموسيقى وتبادلات مرآة اللوحة فقد التقط الجمهور مساحة اللون داخل اشعار قاسم حداد، لتشكل تلك المساحة رابطا نفسيا بين مساحة اللون في اللوحة ومساحة اللون في اللغة الشعرية ليقول:
»اوقفتني الجنية الزرقاء في الحنان وقالت:
سمعتك قبل ان اراك،
ورأيتك قبل ان القاك،
وعشقتك قبل ان اغشاك،
وانتهيت بك قبل مبتداك،
وسكرت بك قبل نبيذك
وهذا يكفي«.
لقد كانت قصائد الامسية اشبه بحكمة تتلألأ من تجربة طويلة بالحياة، كما لو ان الشاعر قاسم حداد اراد ان يقدم خلاصة ايامه في ساحرة ارقته ودفعته للبوح الكامل والدخول في حالة اللاعودة حيث يقول:
أوثقتني في سورة النار وقالت:
تقيس البرزخ بحسدك شلوا شلوا
وتجتر الجسر بعابرين
يتعثرون بكلمات تنشأ مثل النبات
عابرون اخف من الطير
وأكثر خشوعا من الولع
في تلك الاجواء كانت موسيقى طارق الناصر تؤجج حواس الشاعر والجمهور معا حيث قدم الناصر مقطوعات ذات حساسية عالية تناغمت مع القصيدة بل التحمت معها لتشكل جسدها الجديد والمؤثر.
 

وجوه

Active member
رد: بعد تجربة وجوه قاسم حداد بلوحات محمد العامري وموسيقى الن

التاريخ : 02/2005

يفتتح في الاورفلي برعاية امين عمان اليوم: معرض »ايقظتني الساحرة« احتفالية بصرية وموسيقية بنصوص قاسم حداد


يفتتح في الاورفلي برعاية امين عمان اليوم: معرض »ايقظتني الساحرة« احتفالية بصرية وموسيقية بنصوص قاسم حداد

عمان - الدستور
يفتتح المهندس نضال الحديد امين عمان الكبرى في الساعة السادسة من مساء اليوم في غاليري الاورفلي الاحتفالية الشعرية البصرية الموسيقية التي جاءت بعنوان (ايقظتني الساحرة) حيث تشتمل الاحتفالية على معرض للاعمال الفنية لكل من الفنانين الاردنيين محمد العامري وهيلدا حياري، المعرض الذي جاء كقراءة بصرية جديدة لنص الشاعر البحراني قاسم حداد.
وفي ثالث يوم للمعرض ستكون هناك امسية شعرية للشاعر حداد بمرافقة الموسيقي الاردني طارق الناصر، وحفل توقيع كتاب، حيث دعمت هذه التجربة من قبل امانة عمان الكبرى التي اصدرت كتابا يشتمل على رسومات العامري وهيلدا ومقتطفات من نصوص الشاعر قاسم حداد.
وقد قدم للكتاب الفنان والناقد الاردني عبدالرؤوف شمعون بقوله: يقبض الشاعر لحظته التي يخيل له انها اللحظة المناسبة ثم يمضي فيها كأنها عمر بأكمله، ومثلما يرفض الخروج منها كذلك يفعل الفنان التشكيلي الامر ذاته، اشير الى لحظة ابداع متناهية في بعدها عن الوصف، لحظة مميزة اجتمع الثلاثة لاجلها وعند فكرة يراد منها الامساك بالدهشة في اول انبعاثها.
هيأت لهم روح الصداقة الفنية تجربة العيش بحميمية يتبادلون المفردات، النبض الداخلي، خلخلة السائد على مستوى الفن، ثم الرغبة في اقتلاع الممنوع والمسموح من جذور وعيهم ووعينا لغاية فضيلة قدوم اسمها الحرية، صيغت اعمال هذا المعرض بأثر نص (ايقظتني الساحرة) لكننا لسنا بحاجة الى اي من الاقتباسات الظاهرية للنص ولا لأي من تداعي لغة الصدفة فوق المساحات اللونية للأعمال بما يحرر فعل المخيلة للمواصلة خارج المرئي والذهني نحو منطقة ثالثة رجحتها بعض من منظور آخر أراها هنا كأرض رافضة للاقترانات، ارض جديدة للحساسية فاقتسام الحساسية او محاولة المشاركة في صياغتها فنيا وبأبسط معاني التلقائية حضورا هو أمر ممكن كما ان اقتراب الأنا الابداعية باتجاه الأنا للآخر ممكن ايضا.
بينما يذهب الناقد اللبناني عمران القيسي في سياق التجربة بقوله: ان ايقاع الفنانة هيلدا حياري يمتاز بقدر هائل من التجريد الداخلي المتحرك، فهي فنانة تسعى دائما لتكوين ذلك العالم المتصادم من الشحنات السالبة والموجبة، مستنتجة طاقة تسيطر على المسطح التصويري، ثم تسعى عبر نظام اسري تستولده بشكل مثير الى تنظيم لغة خطابية عقلانية تطرح امامنا ثنائية التجريد الغنائي الذي يحول المساحات اللونية الى حقول محكومة بهندسيتها الخاصة.
اما الفنان محمد العامري فقد ذهب الى تقديم اشارات تعبيرية مرهفة وحادة، وبالأخص في اعماله (الهورزنتالية) حيث تبدو اشكاله البشرية كظهور زيحي يترك آثاره اللونية ويتحرك، علما بان المدى التجريدي للوحة العامري سوف يأخذنا الى ما هو ابعد بكثير من تلك الخطابية المباشرة التي تسيطر احيانا على بعض الفنانين عندما يمتثلون الى سلطة النص الشعري ويحاولون محاكاته تشكيليا.
ان هذه التجربة تشكل مساحة مهمة لاثارة الاسئلة حول شراكة النص الشعري والبصري والموسيقى، انها محاولة في الطريق لقلب التقليدية وتثوير الحوار عبر اكثر من جهة.
 

وجوه

Active member
رد: بعد تجربة وجوه قاسم حداد بلوحات محمد العامري وموسيقى الن

صحيفة الرأي الأردنية 2005-02-21

«ايقظتني الساحرة»: كلام العين وصورة الشاعر




عمان- سميرة عوض - يواصل الشاعر البحريني قاسم حداد العزف على اوتار الكلام والصور فهو يجترح في تجربته الجديدة اقتران الكلمة باللون، وعلى وجه الدقة التقاء النص باللوحة وذلك عبر اصداره الجديد «ايقظتني الساحرة» الذي يلتقي فيه الشعر بلوحات تشكيلية مختارة من اعمال معرض للفنانين عبدالجبار الغضبان وعباس يوسف، والذي استوحياه من نص «ايقظتني الساحرة» واقاما معرضا خاصا بنفس عنوان الكتاب في اليوم العالمي للشعر في اذار 2004 في مركز البحرين للفنون، ولان حداد يرغب في ايصال نصه الى الاخر عهد بترجمة نصوص الكتاب الى المترجم محمد الخزاعي، فيما راجع الترجمة كمال ابو ديب ورهام ابو ديب.
ويضم الكتاب المكون من «160» صفحة من القطع المتوسط مجموعة من اللوحات الفنية التي تتناغم مع النصوص وتتقاطع معها في بوح حميم يذكرنا بكتاب سابق للشاعر وهو «مجنون ليلى» الذي كتب نصوصه فيما رسمه العراقي ضياء الفرواي.
والكتاب الجديد «ايقظتني الساحرة» اصدرته وزارة الاعلام البحرينية بالتعاون مع المؤسسة العربية للدراسات والنشر سيصار الى توزيعه مع مجلة «البحرين الثقافية» كنوع من التكريم للشاعر حداد والذي سبق وان حاز العديد من الجوائز ليس اخرها «جائزة العويس».
وتتصدر الغلاف عبارة «لا تكلمهم الا رمزا ففي ذلك نعمة لهم ورحمة عليك» فيما جاء الاهداء مشحونا بالغموض والشعر «اكثر الكلمات كثافة لمديحك/ والخفيف الخفيف منها لمؤانستك/ وما يتبقى/ حيث لن يكفي/ لوصفك».
ويظهر تأثير النص على اللوحات حيث حملت بعضها مقطوعات منتقاة من نصوص الكتاب، فيما ذهبت اللوحة الى الوانها مشحونة بجو النص وفلسفته وكينونته التي تظهر عبر الوان قوية ساطعة، وخطوط تقص حكاياتها فيما هي تسافر في نصها المكتوب.
ومن قصائد الكتاب:
«اوقفتني في الغيم وقالت:
تكتبني بشفيف الحنين
تمحوني بكثيف الولع
فكلما فضحتني بالرمز
سترتني بالاشارة»
ويظل صاحب «له حصة في الولع» يجترح الجمع بين الفنون الابداعية فقد سبق وان اصدر «الازرق المستحيل» كتب نصوصه انطلاقا من لوحات فوتوغرافية اختارها للفنان السعودي الراحل صالح العزاز، كما جمع بين الشعر والقصة في «الجواشن» بمشاركة صديقه الكاتب امين صالح، فيما اصدر «وجوه» عبر كاسيت بصوت الشاعر ادونيس، وغناء وتلحين الفنان خالد الشيخ، وكان اقام معرضا وعرضا مسرحيا يحمل ذات العنوان بتوقيع البريني عباس يوسف.


سميرة عوض
 

وجوه

Active member
رد: بعد تجربة وجوه قاسم حداد بلوحات محمد العامري وموسيقى الن

صحيفة الرأي الأردنية 2005-02-12 -

معرض وقراءات شعرية وموسيقية وحفل توقيع كتاب للشاعر البحريني قاسم حداد




عمان- الرأي- يفتتح امين عمان الكبرى المهندس نضال الحديد في السادسة من مساء الاحد المقبل 13/2 في غاليري الاورفلي الاحتفالية الشعرية البصرية الموسيقية التي جاءت بعنوان «ايقظتني الساحرة» هذا المشروع الذي دعمته امانة عمان الكبرى كجزء من توجهاتها وخططها في دعم ورعاية المشاريع الثقافية غير التقليدية، يشكل مساحة جديدة في اشتباك النصوص الابداعية فيما بينها، حيث يطرح المعرض النص الشعري «ايقظتني الساحرة» للشاعر قاسم حداد في حوارية جمالية بين اللوحة والقصيدة والنص الموسيقي.
وتشتمل الاحتفالية على معرض للاعمال الفنية يستمر حتى 26/2 لكل من الفنانين محمد العامري وهيلدا الحياري وحاولا في هذه التجربة عبر لغة اللون ان يؤسسا لخطاب جديد في استنطاق القصيدة الشعرية بصريا.
وتقدم الفنانة هيلدا حياري الى جانب لوحاته دفترا فنيا رسمته عبر تفاعلاتها مع قصائد الشاعر حداد، شكل منطقة مهمة لتزاوج الاحساس بين الفنان وحبر الشاعر وتأملاته.
بينما ذهب الشاعر والفنان محمد العامري الى تقديم حوارات بصرية كبحث في منطق الصورة الشعرية بوصفها نصا بصريا.
وقد سبق للعامري وان قدم نماذج شعرية بصورة بصرية في بداية التسعينات ويطرح العامري في هذه التجربة تصوراته لكرسي الساحرة كمادة نحتية ملونة خرجت عن تقليدية اللوحة.
وفي الجانب الاخر من الاحتفالية ستكون امسية شعرية موسيقية وحفل توقيع للكتاب في ثالث يوم المعرض، حيث سيقرأ الشاعر قاسم حداد مجموعة من قصائد «ايقظتني الساحرة» بمصاحبة موسيقى الفنان الاردني طارق الناصر، ويسعى المشروع الى فتح الآفاق امام الجمهور لطرح اسئلة جمالية مفتوحة على التأويل في محاولة من المشاركين لايجاد تفاعل جاد بين الموسيقى والشعر والنص البصرية الى جانب ذلك سيصدر كتاب يتضمن نصوص الشاعر قاسم حداد ولوحات الفنانين محمد العامري وهيالد الحياري، وتقديم للشاعر حداد ومقدمة نقدية لكل من الناقدين عبدالرؤوف شمعون «الاردن» وعمران القيسي «لبنان
 

وجوه

Active member
رد: بعد تجربة وجوه قاسم حداد بلوحات محمد العامري وموسيقى الن

«الاورفلي» ينظم احتفالية بصرية موسيقية شعرية




عمان- الرأي- ينظم جاليري الاورفلي في السادسة من مساء اليوم احتفالية بصرية موسيقية شعرية تشتمل على معرض للفنانين محمد العامري وهيلدا الحياري.
كما يجري في السابعة من مساء الثلاثاء 15/2 حفل توقيع كتاب وامسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد بمشاركة الموسيقي طارق الناصر.
 

وجوه

Active member
رد: بعد تجربة وجوه قاسم حداد بلوحات محمد العامري وموسيقى الن

صحيفة الرأي الأردنية 2005-02-17 -

احتفالية «أيقظتني الساحرة» للشاعر حداد: رؤية جمالية لتناغم الشعر والموسيقى والتشكيل


عمان - ياسر قبيلات - شهد «جاليري الأورفلي» في السادسة من مساء أول أمس، احتفالية «أيقظتني الساحرة» التي تجاورت فيها ثلاث من أعتق الفنون، في لحظة سمعية ـ بصرية، استدعت الحواس إلى مساحات اشتباك أضاءت في الاتجاهات الثلاثة جوانباً ممكنة وخفية، وأسست فرضيات استقبال مغايرة للجملة الشعرية والموسيقية، فيما أيقظت العين على رؤية جديدة للتشكيل، الذي كان ينطلق ليقدم قراءته الخاصة للجملة الشعرية.
وكان شهد الجاليري نفسه، مساء الأحد الماضي، انطلاقة الاحتفالية، التي تضافرت فيها أشعار الشاعر البحريني قاسم حداد و تشكيل هيلدا الحياري ومحمد العامري، وموسيقي طارق الناصر. ولكن أمسية الأحد لم تكن سوى شرارة البدء، حيث اقتصرت على الجانب الرسمي من خلال رعاية أمين عمان الكبرى م. نضال الحديد لحفل الافتتاح، وافتتاح المعرض التشكيلي المقام، بالإضافة إلى الدفتر الإبداعي الذي أنجزته الفنانة الحياري، وخطّ فيه، على ألوانها، الشاعر قاسم حداد مقاطعاً من قصيدته «أيقظتني الساحرة». أما الشعر والموسيقى، بدورهما المعين في برنامج الاحتفالية، فكان موعده في السادسة من مساء أول أمس، حينما أقيمت الأمسية، التي جمعت فعلاً ما بين الشعر والموسيقى والتشكيل، ليكتمل النصاب الإبداعي المنتظر.
هو الشعر إذن..!؟
الشعر الباحث دوما عن أشكال ممكنة ومحتملة للحرية، لا زال يواصل بحثه، ولا زال ينشد تلك الحرية؛ في البدء، كان الصوت، ثم الكلمة المكتوبة في عهد التدوين، ثم وكأنما لم تطب له الإقامة الصامتة في حضن الكلمة المكتوبة، وحنّ لعهود كان يمارس فيها الفعل، من خلال الوقع الصوتي، فعاد ينشد الصوت. ولكنه لم يتوقف عند ذلك، ها قد يبحث عن حرية في مجاورة الفنون؛ تشكيلاً وموسيقى..!
وجاء هذا التجاور الإبداعي، تأسيساً على قصيدة حداد «أيقظتني الساحرة»؛ بما يعني، إلى حد ما، أن الفنون المتجاورة في الاحتفالية، قدمت إلى جانب صوت الشاعر العميق، قراءات موازية ومغايرة لنصه الشعري. غير أن القراءة الإبداعية، وإن استندت على نص، تمرر في الغالب ما هو من «عندياتها»، وما هو لها، ناهيك عن القراءة الخالصة، وبالذات بأدوات مختلفة، للنص الشعري، التي هي في نهاية المطاف اجتهاد إبداعي خاص. وانطلاقاً من هذه المساحة، بالذات، أسست هيلدا الحياري ومحمد العامري، مشهدهما البصري برؤيتين لم تتعسفا على هويتهما الفنية، ولم تغيبها؛ وكذلك الحال، بالنسبة لطارق الناصر الذي راود الارتجال، في قراءة موسيقية، لم تعتمد على النوتة بقدر اعتمادها على النص الشعري، الذي نهضت أحرفه فوق مفاتيح البيانو، بديلاً عن مدونات العلامات الموسيقية.
العامري: قراءة المفردات
وقدمت الاحتفالية في جانبها التشكيلي ثلاث قراءات؛ ففي جانب أول كان محمد العامري، يضع للعين مهمة البحث عن مفردة المرأة ـ الساحرة ـ الجنية، التي أخفاها في تداخلات اللون وتجاوراته، وفي تشكيلها وفق حركة تنخفض فيها مستويات التباين والتناقض مع حركة التشكيل المحيط، مما جعلها في خفاء بالنسبة للنظرة القريبة، وبحاجة للاكتشاف من زوايا النظر الأبعد.
وجاء العامري التشكيلي منطلقاً من مفردة المرأة الساحرة، ولحظة القصيدة التي تسجل في تكرار أسس لها معماراً، وشدها إلى لحظة البداية واستعادتها مراراً لغايات تمرير قول مختلف ومؤتلف، في آن. وعلى نسق حضور مفردة المرأة الساحرة الجنية، الوحدات المتكررة للتأسيس للبناء الشعري، قاد العامري ريشته، من لوحة إلى أخرى، لتوظيف المفردة، وعكس لحظة البداية المستعادة، لغايات تأكيد حضور البناء الشعري، وتوظيفه كناظم يشد اللوحات بعضها إلى بعض.
الحياري: دفتر إبداعي
وقدمت التشكيلية هيلدا الحياري قراءتين، الأولى من خلال اللوحات، والثانية من خلال الدفتر الإبداعي الذي رسمته، وخط فيه قاسم على ألوانها، مقاطعاً من نصه الشعري؛ وفي هاتين القراءتين تراوحت الحياري ما بين التمسك بمفرداتها الخاصة، والانفعال بالنص الشعري، ما جعل في تصفح الدفتر الإبداعي، والمقارنة ما بينه وبين اللوحات ضرورة لاكتشاف قراءتها الخاصة للنص.
تحققت قراءة الحياري، في اللوحات كما في الدفتر الإبداعي، إلا أن هذا الأخير الذي حمل بوضوح انفعالها بالنص الشعري، قد انطوى على مفاتيح للعثور على النص في اللوحات؛ إذ أن القراءة المقدمة فيها، تأتي على شكل استجابة لمقتضياته، وليس إفصاحاً عنه، أو تقديماً لمحمولاته، أو عكساً لمبناه أو معناه، أو مفرداته.
وحملت لوحات الحياري، في أبرز مساحاتها، عودة إلى لحظة كان فيها تفكير الفنانة الإبداعي، واقعاً تحت سيطرة اللون والشكل الأثيرين لديها. ولكن من عرف لوحات الحياري، وخبر التشكيل الذي يحفل بالكائنات الماقبل جنينية، والتي تؤسس بصرياً على السطح، بأحجامها الصغيرة المتفاوتة، إمكانيات لتمرير الألوان الخالصة، في معادلة تضع اللوحة وعناصرها في علاقة مستوحاة، من السجاد ونقوشه. إلا أن الحياري في لوحات الاحتفالية، تميل إلى تحرير سطح اللوحة من هيمنة هذه الأشكال؛ أو أنها، في النماذج الأخرى، التي لم تأخذ مساحات أكبر، تقدم نماذج لأعمالها الأخيرة، التي مالت فيها إلى السيطرة على اللون، بإطفائه، وعلى الشكل بتقنين عناصره.
الناصر: ملكة الارتجال!
شاءت قراءة طارق الناصر الموسيقية، أن تكون في تداخل بنيوي مع النص الشعري، فعدا عن المواكبة المباشرة للنص أثناء قراءته، جاء ارتجال الناصر ليبني علاقات متنوعة مع قراءة الشاعر، من جهة، ومع نصه الشعري من جهة ثانية. وقامت هذه العلاقات، في جانب منها، على التعامل مع المساحات البيضاء التي تقتضيها القراءة، ومحاورة إلقاء الشاعر في مواضع معينة، والانسحاب أمامها في مرات؛ مثلما سارت، في مواضع أخرى، على استدعاء صوت الشاعر، أو التهيئة للقفلات الداخلية.
وسار ارتجال الناصر، على هذا النسق، في محاولة تتجاوز كونها مجرد إقامة العلاقات مع صوت الشاعر وإلقائه، إلى التأسيس لقراءة أكثر عمقاً للنص ذاته.. النص الذي حل مكان النوتة الموسيقية، فوق مفاتيح البيانو. ولم تلبث أن وجد هذه القراءة المنشودة مداخلها، في القرار الذي ألح في نقش حضوره، في برهات الصمت وبالتناغم مع نبرة الصوت العميق، الذي حمل أسى عتيقاً، تلجلج فيه كرنة معدن ثمين؛ وبالاعتماد على الجذور الشرقية للآلة، واستنطاقها، في قراءة سارت بالتوازي مع النفس الأسطوري الذي نسجته الجملة الشعرية، وبوعي أن شعر قاسم حداد، ينهل من المخيلة الخاصة، وينهج في تعاطيه مع الأسطوري، استدعاء الموروث والجذور الثقافية.
مغامرة مع الشعر
وهيأت البدايات المتكررة للوحدات الداخلية في القصيدة، للناصر العثور على إيقاعه، والاهتداء إلى قراءة مرتجلة، جاءت على شكل مقاربة أولى، وضعت أساساً لعمل موسيقي قد يأخذ الناصر في مغامرة مع الشعر والكلمة التي يتجنبها، عادة، في أعماله الموسيقية. فقد يكون في الانتقال من البحث في الهواجس الداخلية، إلى قراءة هواجس النص الانفعالية والجمالية، مساحات ممكنة، ومقاربات محتملة، للتعبير الموسيقي، وللانطلاق إلى آفاق جديدة، وتقود إلى العثور على الصوت الخاص، في لحظات المشترك الإنساني والإبداعي، وليس في الخاص الانفعالي والمعرفي، وحسب.
سجلت الأمسية، ما بين إلقاء الشاعر وأداء الموسيقي، واحدة من أفضل لحظات التناغم ما بين لونين إبداعيين؛ وبالنسبة للشعر والموسيقى، فقد تجاوز هذا الحضور المشترك، مجرد التجاور إلى لحظة عناق دافئة، قدمت رؤية لصيغة جمالية، تجمع ما بينهما، في مبررات موضوعية وإبداعية، من حيث إنشاء نص جديد يؤسسه اجتماعهما. ولن يكون مفاجئاً، أن تلح التجربة على صاحبيها (حداد والناصر) في التفكير بالوصول بها إلى صيغتها النهائية، التي بدت ـ على أية حال - قريبة، وفي متناول القريحة.
النِصاب الابداعي
جاءت قراءة الشاعر التي رفدتها فنون وإبداعات أردنية، أعادت إليه وإلينا، من خلاله، المشاعر الدافئة، التي يحملها حداد تجاه مواطننا الأردني عبد الحميد المحادين، أستاذه في صباه، وأثناء تلقيه تعليمه الأساسي في مدينة المحرق، وأول من رعى موهبته الأدبية الفتية في الستينات، والذي لا يغيب عن أحاديثه الخاصة، ولم يغب عن الحضور في كتابه: «ورشة الأمل»، الذي يقدم فيه صورة شخصية لمدينته الأم.
وتركت قراءة الشاعر المأخوذ بالمغامرة، وراءها إيقاعاً يتردد، وعالماً مسكوناً، تؤثثه لغة خاصة، نسجت تفاصيلها بمفردات غنية، تخاتل المعنى منفردة، وتؤديه في اجتماعها. وما بين سحر الكلمة، وألق الشعر، تواصل الساحرة حضورها في القصيدة، وتنطق بالحكمة:
«أوقفتني الجنية الزرقاء في الرؤية
وقالت لي:
لا تكلمهم إلا رمزاً،
ففي ذلك نعمة لهم، ورحمة عليك!»
قدمت الأمسية محاولة جديدة في تجاور الفنون؛ وقبل ذلك، محاولة في إطار تهيئة الروح ولحظتها للجملة الشعرية، بعيداً عن الطقسية المباشرة، والفجة في الغالب. وتوافر لها ثلاثة عناصر مدتها بالقوة: صوت قاسم العميق بما فيه من رنة أسى، والقصيدة التي حفلت جملتها بالقوة التي تذهب في اتجاهات متعددة، والتي انطوت على قابلية كبيرة في التحول إلى وحدات مستقلة، تستدعي بعضها البعض، لدى القراءة، وقدرات طارق الناصر في الارتجال.
إذن، في السادسة من مساء أول أمس، اكتمل النصاب الإبداعي في «جاليري الأورفلي»، باكتمال حضور التشكيل، بحضور الشعر والموسيقى، فأيقظت الساحرة نائماً غفا، أو مستفيقاً أخذته الغفلة باعتياد الأشياء، والكلمات، والأشكال، والأصوات!
 
أعلى